Dp صبغة شقراء فاقعة اللون
الرئيسية > سياسة > مشاكسات > صبغة شقراء فاقعة اللون

صبغة شقراء فاقعة اللون

جماعة الإخوان المسلمين -المحظورة سابقا والتي تسير نحو خطوات الشرعية الحزبية حاليا- قررت أن تعمل "نيو لوك"

كتبت: أميرة الشربيني

عندما تقرّر المرأة المصرية الخمرية أن تجرّب النيولوك.. تقرر أحيانا أن تصبغ شعرها باللون الأشقر.. وأحيانا تجمع بين عدة درجات أصفر في رأس واحدة!!

أحيانا يبدو هذا النيولوك جميلا، لكن مشكلته تبدأ عندما يبدأ الشعر في النمو، ويظهر لونه الأسود الأصلي الغامق، ثم ترى خلفه اللون الأشقر الفاقع!

جماعة الإخوان المسلمين -المحظورة سابقا والتي تسير نحو خطوات الشرعية الحزبية حاليا- قررت أن تعمل “نيو لوك”؛ فخرجت علينا بهذا الخبر، وفقا لجريدة الشروق وما نقلته عن حلمي الجزار -عضو مجلس شورى الجماعة- أنها قررت تغيير شعارها كحزب من “الإسلام هو الحل” ورفع  شعار “الحرية هي الحل.. والعدالة هي التطبيق”، وهو أمر لافت للنظر، وخصوصا أنه معروف أن جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت الآن حزب الحرية والعدالة هي جماعة قائمة في الأساس على فكر ديني إسلامي، وهذا الشعار الذي تخلّت عنه الجماعة هو شعار تبنّته منذ الثمانينات، وحصلت على موافقة حكومية كي تخوض الانتخابات البرلمانية  تحت مسماه.

وهو شعار كان واضحا جدا في معناه وخصوصا إذا ما استخدمته في حملة انتخابية.. عندها لا يعني سوى أن الإسلام هو الحل للإصلاح، وأنا هنا لا أجادل وجهة نظرهم السابقة، ولا منظورهم لطريقة الحكم فهذا حقهم.. كل منا له الحق أن يتبنى أفكاره الخاصة وقناعاته التي يحاول من خلالها الوصول للتطبيق الأمثل للحكم، وخصوصا إن كان مثل هذه الجماعة منخرطا في المجال السياسي منذ زمن طويل..

أنا فقط أتساءل: لماذا هذا التغيير؟ أمن أجل تهدئة المخاوف التي قد يشعر بها البعض إزاء توليهم السلطة والحكم في مصر, واللغط الدائم حول هذا الأمر؟
 
ويرجع هذا للاعتقاد بأنهم إذا ما وصلوا للحكم سيطبّقون الشريعة الإسلامية في الحكم، وهو ما يخشاه الكثيرون..

من الملاحَظ أن جماعة الإخوان المسلمين (المحظورة سابقا) تلجأ منذ قيام الثورة لتصريحات تستهدف نفي أمور معينة.. مثل تأكيدهم الدائم بمناسبة ودون مناسبة على أنهم لا يطمعون في كرسي الرئاسة تلك الدورة الانتخابية، ثم نفيهم الآن لشعارهم الشهير المقترن بهم!

شعار اضطُهدوا من أجله، وأبوا أن ينكروه في وقت القمع، وطبعوه ولصقوه على الجدران وفي المواصلات العامة، ودعوا إليه، وظل لصيقا بهم لعقود، ودفعوا من حريتهم ودمائهم فداء له, رأوا تغييره بعدما تحقق ما أرادوا! فهل تغيّر منظورهم؟

 “الحرية” كلمة ليست مرادفة “للإسلام”.. الإسلام يشمل الدعوة للحرية والعدالة هذا صحيح.. لكنه لا يرادفهما.. والشعاران في رأيي مختلفان تماما..

من المعروف أن الإخوان هم الفئة الأكثر تنظيما على الساحة السياسية الآن، وهي جماعة بدأت في نهايات عشرينيات القرن الماضي.. فكرهم ديني ونشاطهم سياسي، وعلى الرغم من عدم استطاعتهم تكوين حزب سياسي فإنهم نجحوا في فرض وجودهم على الساحة، ولقد تعرّضوا لقمع مبالغ فيه في عصر مبارك، وفتحت أمامهم ثورة يناير الباب على مصراعيه، وهاهم علانية يتناقشون بصدد نواياهم السياسية.

وتأتي الآن تلك الخطوة من تغيير الشعار، التي لا أجد لها في ظني الشخصي سوى مبرر واحد.. “لعبة سياسة”، واللفظ “سياسة” من ساس يسوس بمعنى قاد ورأس، وكي تصل للقيادة وتسوس قد تفعل أي شيء للإقناع، ومن هنا أتت القناعة أنه بلعبة السياسة كل شخص متلوّن كالحرباء؛ لأن السلطة هي الغاية ومن أجلها تُبذل أي وسيلة.

في تغيير الشعار وفي التصريحات المتتالية لهم لعب على أوتار معينة؛ لمغازلة العقلية المصرية، وهي محاولات سياسية بحتة من أجل السلطة، وهو أمر واضح ومفهوم.

إذا ما حصل الإخوان في مصر على الحكم من خلال انتخابات نزيهة لا يملك أحد أن يعترض على هذا، فتلك هي الديمقراطية، لكن إن حدث هذا فعلا فهل سيطبّقون شعارهم الجديد “الحرية هي الحل”؟ أم سيظهر على السطح الشعار القديم؟

لا أريد لأحد أن يظن أني أرمي إلى أن الإسلام هو أمر مضاد للحرية، فالإسلام كدين -في رأيي- هو من أكثر الأديان التي تتقبل الآخر، ولا أريد أن أكون منحازة لديني، وأزعم أنه أكثرها على الإطلاق، لكن مفاهيمنا كبشر للشيء الواحد تختلف، وطريقة تطبيقنا لنفس المفاهيم تختلف أيضا..

وليست كل الدول التي طبّق فيها الإسلام كمنهج للحكم تدل على الإسلام كديانة، فإن كان الإسلام دين حرية, فإنه -ومع الأسف- قد أعطت بعض الدول عنه فكرة خاطئة بتطبيقاتها المغلوطة، وهذا مفهومي الخاص عما حدث.

وفي تغيير الإخوان لشعارهم مفهوم خاص بهم، وفي تفسيري لهذا التغيير مفهوم آخر، وطبقا لشعارهم الجديد فكل واحد حر في مفهومه, وهذا هو المهم “الحرية”.

والأهم أن تبقى الحرية والعدالة لمصر الأصيلة اللون والشعب.. حتى إذا ما بهتت صبغة شقراء فاقعة، وكشفت عن سواد مدقع.

 

اعلان