Dp العميل 1001.. مسمار المخابرات في قلب الجيش الإسرائيلي
الرئيسية > سياسة > متابعات وملفات > العميل 1001.. مسمار المخابرات في قلب الجيش الإسرائيلي

العميل 1001.. مسمار المخابرات في قلب الجيش الإسرائيلي

ونحن نغوص في أعماق التاريخ بحثا عن هؤلاء الأبطال وجدنا بطلا لم يتحدّث عنه الكثيرون، فقررنا أن نقتحم عالم "عمرو طلبة" أو "العميل 1001" والذي يروي لنا دوره البارز في حربنا المجيدة 6 أكتوبر 1973

في الحلقة الماضية تحدّثنا عن بطولة غير عادية للعميد “يسري عمارة” الذي لم تمنعه إصابته البالغة أن يقتل عسكرياً مسلحاً ويأسر فرقةً كاملة، وعلى رأسها قائدها العقيد “عساف ياجوري” أول أسير إسرائيلي، واليوم موعدنا مع بطولة أخرى، ولكنها مخابراتية هذه المرة.

فمن منّا لم يتمنّ أن يكون مثل رأفت الهجان أو جمعة الشوان، ويخدم هذا البلد من خلال اقتحام عشّ الدبابير (إسرائيل)؛ ليتذكره التاريخ بأنه ضحى بحياته من أجل هدف أسمى وأغلى من الوجود وما فيه (كرامة مصر).

وبينما نغوص في أعماق التاريخ بحثا عن هؤلاء الأبطال؛ وجدنا بطلا لم يتحدّث عنه الكثيرون، فقررنا أن نقتحم عالم “عمرو طلبة” أو “العميل 1001” والذي يروي لنا دوره البارز في حربنا المجيدة 6 أكتوبر 1973.

يقول عن نفسه: باختصار.. اسمي “عمرو طلبة” شاب مصري بسيط كنت أعيش بين والديّ ولي خطيبة جميلة، ولكن نداء بلدي كان أقوى من شعوري تجاههم، خاصة بعد نكسة 1967، حين قررت المخابرات العامة المصرية زرع أحد ضبّاطها داخل المجتمع الإسرائيلي، وتمّ اختياري لتنفيذ هذه المهمة.

ويضيف “عمرو”: “خضت العديد من الاختبارات في استخدام أجهزة اللاسلكي وإجادة اللغة العبرية، بعد أن عثر رجال المخابرات على تغطية مناسبة لدفعي داخل المجتمع الإسرائيلي، بانتحالي شخصية يهودي شاب -يحمل اسم “موشيه زكي رافئ”- توُفّي بأحد المستشفيات المصرية”.

وتابع: “ودّعت والدي ووالدتي وخطيبتي باعتباري متّجها إلى بعثة عسكرية في موسكو، وفي الحقيقة اتّجهت إلى اليونان -كبداية لخطّة طويلة ومتقنة وضعها رجال المخابرات المصرية- متظاهرا بأنني أبحث عن عمل، وقضيت هناك بعض الوقت، إلى أن تعرّفت على بحّار يهودي الديانة”.

وأردف: “وهكذا بدأت رحلتي للدخول إلى إسرائيل، فهذا البحّار سهّل لي عملا على السفينة التي كان يعمل عليها، وأقنعني بتقديم طلب هجرة إلى إسرائيل، باعتبارها جنة اليهود في الأرض “كما كانوا يزعمون حينها”!!.

ويروي “طلبة” كيف قضى ساعات في معسكرات اليهود تمهيدا لدخوله أرض المعركة، وكيف تمّ تلقينه العبرية حتى يتعايش في هذا المجتمع.. وكمّ المعاناة والإهانات التي تحمّلها حتى دخل بالفعل إلى إسرائيل.

ويبدأ “موشيه” -الاسم الحركي لـ”عمرو طلبة”- مشواره بالعمل في القدس في مستشفى تعرّف على أحد الأطباء به، ولأنه لبق تظاهر بأنه خدوم للغاية، فقد نجح في توطيد علاقته بهذا الطبيب لدرجه أنه أقام معه، وانتقل “عمرو” مع الطبيب إلى مستشفى جديد في ضاحية جديدة بعيدا عن القدس، ودخل إلى تل أبيب، حيث عمل هناك سكرتيراً في مكتبة، مستغلا وسامته في السيطرة على صاحبتها العجوز المتصابية، فتسلّمه مقادير الأمور داخل المكتبة، مما يثير حنق العمال القدامى.

ومن خلال عمله وعن طريق صاحبة المكتبة يتعرف على عضوة بالكنيست تُدعى “سوناتا” تقع في هواه هي الأخرى، وتتعدد اللقاءات بينهما، مما يعطي الفرصة لعمال المكتبة لكشف الأمر أمام صاحبة المكتبة، فتثور وتطرده، وينتقل للإقامة في منزل “سوناتا”.

ويتمّ إلقاء القبض على “العميل 1001” بتهمة تهرّبه من أداء الخدمة العسكرية، لكن عضوة الكنيست تستغلّ علاقاتها في الإفراج عنه، ثم تساعده أيضا بنفوذها في أن يتمّ تعيينه في أحد المواقع الخدمية القريبة من تلّ أبيب، كمراجع للخطابات التي يرسلها المجنّدون داخل الجيش الإسرائيلي باعتباره يهوديا عربيا يجيد القراءة باللغة العربية.

وهنا يبتسم “عمرو” ويتذكر: “كانت هذه هي البداية لخدمة بلدي على أكمل وجه، فالمخابرات العامة المصرية قامت بعملية شديدة التعقيد والأمان؛ لإرسال جهاز لاسلكي إليّ؛ لأستخدمه في إيصال المعلومات إلى القيادة المصرية”.

ويبدأ تدفّق سيل من المعلومات شديدة الخطورة والأهمية إلى القيادة المصرية.

ويتابع البطل المصري: “تمّ نقلي إلى منطقة مرجانة في سيناء، وبدأت في إرسال معلومات شديدة الأهمية والخطورة عن مواقع الرادار والصواريخ المضادة للطائرات ومخازن الذخيرة ومواقع الكتائب الإسرائيلية”.

وقامت حربنا المجيدة حرب السادس من أكتوبر.

ومعها ومع انهيار التحصينات الإسرائيلية تمّ نقل كتيبته إلى خط المواجهة، وفور علم رجال المخابرات من إحدى البرقيات التي كان يرسلها بانتظام منذ بدء الحرب أسرعوا يطلبون منه تحديد وجهته ومكانه بالتحديد.

لكن القدر لم يُمهل “عمرو” أن يرسل استغاثته الأخيرة، فقط أخبرهم بأنه في القنطرة شرق.. ثم دوى انفجار هائل، وتوقّف صوت الشهيد للأبد.

توفّي الشهيد “عمرو طلبة” في سيناء، بعد أن أدّى مهمته على أكمل وجه، ونجحت المخابرات في الوصول لجثمانه؛ لإحضاره ودفنه في وطنه الذي ضحى من أجله بنفسه.

ولعلّ أفضل ختام لهذه الملحمة البطولية الرائعة هو ما جاء على لسان ضابط المخابرات المصري “ماهر عبد الحميد” -رحمه الله- والذي روى هذه العملية: “ولقد حملناه عائدين دون أن نذرف عليه دمعة واحدة؛ فقد نال شرفا لم نحظَ به بعد”.

وكما كان “عمرو” شابا عاديا لم يرَ لنفسه كرامة في بلد سُرقت فيه كرامته، وبالتالي لا بد من استعادة كرامتها أولا، فكذلك فعل طيار مصري مقاتل، وجد أنه لا أمل في إنزال طائرته بسلام، ولا بنزوله هو شخصياً بسلام، فقرر أن يكون لحياته ثمن..

 

وإذا أردت أن تعرف الثمن.. فتابعنا في الحلقة القادمة..

تابعونا،،،

شكر واجب لموقع المؤرخ الذي استقينا منه هذه المادة.

 

اعلان