Dp د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الرابعة)
الرئيسية > ثقافة > ثقافة وأدب > د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الرابعة)

د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الرابعة)

كانت المواجهة، وتطاير الدم في كل مكان.. هشم جيسون زجاجة بيرة وراح يطعن بها


اليهودي كان يملك كتبًا ولديه رسوم لهذه المدية (رسوم: فواز)

************
بوريس العجوز كان أول من بدأ يفهم قيمة هذه المدية..
عندما وقف في متجر ذلك التاجر اليهودي ينظر حوله في شك، كان يعرف جيدًا ما يريد.. المدية الفضية.. مدية (عشتار) كما يطلقون عليها، وهو يعرف جيدًا ما تعنيه..
إن تاريخ هذه المدية يدل على أصلها ومنشئها..

كل الشواهد التاريخية تقول إنها كانت تنتقل من يد ليد.. تظهر بالذات في اللحظة التي يوشك فيها شخص واهن أو بريء على أن يلقى حتفه، عندها تظهر المدية لتنقذه.. وتنتقل ملكيتها له ثم أولاده أو أحفاده.. إلى أن يأتي اليوم الذي يفقدونها فيه وتنتقل لضحية أخرى..

قال اليهودي إنه حصل عليها آخر مرة من شاب يدعى (جيسون) كان في حاجة إلى أن يسدد ديون القمار.. كان الشاب من شيكاغو وقد قتلته العصابات بعد هذه الصفقة بقليل..
اليهودي كان يملك كتبًا وكانت لديه رسوم لهذه المدية..
رسوم قديمة جدًا.. رسوم صنعها رسام بدائي من حضارة بين النهرين، ورسوم لها طابع فرعوني أكيد، ورسوم تذكّرك بمخطوطات تشيلليني في عصر النهضة..
المؤكد هو أن المدية هي المدية والنقوش واضحة..

قال اليهودي وهو يفتح علبة القطيفة السوداء:
– “ها هي ذي..”
وفي الضوء الشاحب توهّجت المدية الفضية رائعة الجمال..
كان بوريس العجوز يعرف كل شيء عنها.. يعرف أنها كانت في خزائن أسرته لأطول وقت ممكن في تاريخها، مع أنها تقلبت كثيرًا بين عشرات الأيدي والجنسيات..

يعرف أنها خاصة بذلك الناسك الذي عاش في زمن عبادة (عشتار).. هذه المدية استخدمها الناسك ليقتل الشيطان.. ومنذ ذلك الحين تنتقل المدية من يد ليد لتؤدي عملها عندما تمسّ الحاجة له..
قال بصوت مبحوح:
– “هي.. لا شك في ذلك”

قال اليهودي وهو يغلق الصندوق:
– “هي ليست للبيع.. هذه مجموعة خاصة”.

كلا.. لا يمكن أن تتحدث عن مجموعات خاصة..  هذه المدية لي.. تخصّ أسرتي.. سوف أخبر ورثتي جميعًا وسوف نحرسها فلن تغادر أسرتنا أبدًا..
– “أنت تمزح.. لكل شيء سعر”.
– “بعض الأشياء ليس لها سعر.. أنا ليس لي سعر وهذه المدية ليس لها سعر”.

أخرج بوريس دفتر الشيكات ليكتب رقمًا، لكن اليهودي قال وهو يبتسم:
– “لا تحاول.. قلت لك إنها ليست للبيع”.

واستدار ليضعها في الخزانة خلف اللوحة المعلقة..
هنا كان بوريس العجوز قد اتخذ قراره..
لم يره أحد يدخل هنا عندما جاء الليلة ولا يوجد شهود.. إنه وحده مع اليهودي، وقد نال هذه الحظوة بسبب ثرائه ومكانته الاجتماعية..

هكذا أخرج المسدس الصغير من جيبه وصوبه إلى مؤخرة رأس اليهودي.
أما لماذا قام بتثبيت كاتم الصوت قبل هذا؛ فلأنه لم يستبعد هذا السيناريو منذ البداية..
وهكذا عندما غادر بوريس المكان كانت المدية الفضية قد عادت لأسرتنا العريقة، ومعها قسم الدم.. كان يعرف أن المدية أقوى وأكثر حكمة من أن تكون مدية عادية..
 
يُتبع

اعلان