Dp د. أحمد خالد توفيق.. Mutilated.com (الثالثة)
الرئيسية > ثقافة > ثقافة وأدب > د. أحمد خالد توفيق.. Mutilated.com (الثالثة)

د. أحمد خالد توفيق.. Mutilated.com (الثالثة)

كنت أدخل موقع Mutilated.com في كل يوم، فأجد أن صوري توارت جدًا لكنها ما زالت موجودة


فتحت الموقع الشنيع لأجد صورًا رهيبة لسيارة تحترق (رسوم: فواز)

هكذا كنت أقف من آن لآخر أراقب الشطّ والموج الأزرق..

كنا في ميلاد الشتاء لهذا كان الطقس باردًا فعلاً، وكنت وحيدًا.. والوحدة تضخّم الذكريات وتضخّم المخاوف.. لكن كان عندي اتصال بالإنترنت لحسن الحظ، وكان معي الهاتف أجري به مكالمات طويلة جدًا مع أصدقائي وأتجاهل مكالمات غادة أو أردّ بشكل مقتضب..

كنت أدخل موقع Mutilated.com في كل يوم، فأجد أن صوري توارت جدًا لكنها ما زالت موجودة.. هناك مرة غريبة فعلاً رأيت فيها صورًا لتشريح جثة تمساح.. هو مشهد بشع في حد ذاته، لكني وجدت أنهم يُخرجون من أحشائه أشلاء بشرية لفتاة..

الخبر يقول إن هذا حدث في مصر في الساحل الشمالي.. ما معنى هذا السخف؟ لا توجد تماسيح في مصر طبعًا ولو وُجِدت فهي نيلية.. وما أبعدنا عن النيل هنا..

بعد ثلاثة أيام قرأت أن فتاة اختفت وهي تسبح في قرية بالساحل الشمالي.. بعد أيام رأيت صور اصطياد تمساح وفتح بطنه.. واضح أنه هو الذي فتك بالفتاة، وفيما بعد عرفت أن هناك من اشترى هذا التمساح طفلاً من مزرعة تماسيح مياه مالحة في أستراليا.. كالعادة قام بتربيته في حوض زجاجي ثم كبر الوحش جدًا جدًا.. هكذا حمله وتخلّص منه على الساحل ذات يوم… ونسي كل شيء عنه..

ما حدث هو أن التمساح لم يمُت.. تغذى على الأسماك وتضخّم.. ثم بدأ يبحث عن صنف آخر من الطعام.. ولحسن الحظ أنني لا أسبح…

هذا موقع مفيد حقًا.. يمكنني أن أنشئ جريدة تعتمد بالكامل على ما أراه فيه.. ونقطة القوة هنا هي أن أحدًا لا يعرف هذا اللغز…

لا أحد يلاحظ ارتباط الصور في الموقع بالواقع.. وعندما يلاحظ أحدهم ذلك يكون قد نسي إن كان الموقع نشر الصور قبل أم بعد… بالطبع أي شخص عاقل سيفترض أن الموقع ينشر “بعد”.. لو خطر ببال أحد أنه ينشر “قبل” لماجت الدنيا..

جاءت فرصة ذهبية بعد يوم واحد، عندما فتحت الموقع الشنيع لأجد صورًا رهيبة لسيارة تحترق.. وبدا كأن من كان يقودها حاول الزحف خارجها.. لكنه تفحّم قبل أن يبتعد.. صورة شنيعة جدًا.. والأهم أن التعليق يقول إنها من مصر، وإن الضباب هو السبب.. وإن رقم السيارة واضح في الصور تمامًا..

هذه المرة شعرت بتأنيب ضمير شديد.
راجعت النشرات الجوية فوجدت أن الجو صحو تمامًا.. سوف تكون هناك شبورة بعد أسبوع من الآن.. وهذا معناه أن الموقع يمارس هوايته الخبيثة في التنبؤ.

لم أستطع الصمت أكثر، فاتصلت بصديق لي يعمل ضابطًا مهمًا في شرطة المرور، وطلبت منه بيانات عن السيارة وقائدها..

السيارة سليمة.. قائدها شاب سعيد بسيارته ويمرح في شوارع القاهرة، عالمًا بأنه لن يموت ولن يحترق أبدًا…

هكذا وجدت رقم هاتف معي فاتصلت به، وعندما سمعت صوت الفتى قلت له في إلحاح:
ـ “أرجوك أن تبتعد عن الطريق السريع.. بالذات في وقت الشبورة.. قد لا تصدّق وقد تعتبرني مخبولاً.. لا يهم.. ما يهمني ألا تلمس عجلة سيارتك الطريق السريع في الفترة القادمة”.

سألني في جزع عن شخصيتي.. من أنا؟
على كل حال عرفت أن نبوءتي المخيفة قد هزّته فعلاً.. سوف يكون حذرًا..
وضعت السماعة راضيًا عن نفسي..

رضيت عن نفسي أكثر عندما فتحت الموقع بعد يومين فلم أجد أثرًا لتلك الصور.. اختفت تمامًا..

وهذا معناه أن قدر الرجل قد تغيّر.. ليس قدره بل ما كان الموقع اللعين يعتقد أنه كذلك.. لن يفقد حياته على الطريق السريع..

عدت أبحث عن صوري فوجدتها كما هي.. بشعة كما هي.. كئيبة كما هي..
هكذا عرفت أن الخطر مستمر وقائم.. لم يتزحزح..

أنت تفهمني وتعرف أنني لست مولعًا بالعنف على الإطلاق.. لكني أعتبر الموضوع دفاعًا مشروعًا عن النفس..

لهذا تفهم لماذا خطرت لي فكرة قتل غادة في هذه اللحظة بالضبط!

                                                                                                                            يُتبَع

الحلقات السابقة:
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. Mutilated.com (الأولى)
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. Mutilated.com (الثانية)
اعلان