Dp د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الأولى)
الرئيسية > ثقافة > ثقافة وأدب > د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الأولى)

د. أحمد خالد توفيق يكتب: المدية الفضية (الحلقة الأولى)

انتزع المدية من عنق الرجل ملوثة بالدم، فمسحها بمنديل وراح يتأملها... فضية.. لا شكّ في هذا


انتزع المدية وغرسها في عنق الرجل (رسوم: فواز)

أما اليوم فليس في ذهنه سوى شيء واحد.. إنه يريد ذلك الفتى الألماني.. سوف يظفر به.. أحكم التصويب.. كتم أنفاسه…. سوف تضاف جثة أخرى للقتلى الألمان بعد ربع ثانية..

هنا شعر بمن يثب عليه من الخلف.. يا ابن الشيطان!.

على الفور رأى الوجه الألماني الذي يطلق السباب بالألمانية.. وأدرك من القبضة القوية أنه يأكل جيدًا جدًا ولا يعاني سوء التغذية مثل السوفييت. كان الألماني يجثم فوقه وهو يحاول أن يولج السونكي في صدره وهو يردد بلا توقف:
– “شايسه! شايسه!”

ما معنى هذا؟ الأسوأ أنه يبصق أيضًا.. يحاول فاسيلي أن يشله بيده اليسرى..

راح يتحسس الثلج بيده اليمنى.. لمست أنامله شيئًا… عندما تحسسه أدرك أنها مدية، على الأرجح سقطت من جيب هذا الألماني. لا وقت للتردد.. إن قواه تخور والألماني قوي فعلاً…

بيد راجفة حمل المدية ثم حشرها بين جسده وجسد الألماني و.. هوب.. انغرست حتى النصل في صدر الرجل.. لكنه انتزعها وهذه المرة غرسها في عنقه….

هوى الجسد الضخم من فوقه وقد فرغ من الحياة… نحن بالونات مليئة بالحياة يكفي ثقب رصاصة أو طعنة بمدية كي تخرج كل الحياة منها وتتداعى. فس س س س!

جثة ترقد وسط الثلوج..
أخيرًا اعتدل فاسيلي وبحث عن بندقيته.. يجب أن ينهي عملية القنص وبعدها يفهم كيف تسلل هذا الوغد الألماني إلى الخندق..
لكنه عندما نظر في مجال البندقية وجد أن الجنديين الألمانيين قد اختفيا..
لقد خسر ألمانيًا وربح واحدًا… لعبة قدرية غريبة.

انتزع المدية من عنق الرجل ملوثة بالدم، فمسحها بمنديل وراح يتأملها… فضية… لا شك في هذا.. على الأرجح غالية الثمن كذلك…
دسّها في جيبه وقد أدرك أنه لن يبيعها.. سوف يبقيها تذكارًا لهذه الحرب اللعينة، فقط لو ظل حيًا.. وهو كان على يقين من أنه سيظل حيًا..

ابتعد عدة خطوات ثم التفت للخلف ليرى المشهد مرة أخيرة..

لم يكن هناك أحد.. لا جثث على الجليد.. لا دماء.. فقط ثلج مبعثر في كل مكان..

تحسس جيبه فوجد المدية ما زالت هناك……

******************

إن إيرين لا تتنفس..
لا أعرف ما حدث في هذا اليوم الأسود.. أرقدوها أرضًا.. سوف أحاول أن أجري لها تنفسًا صناعيًا.. أين هذه الإسعاف اللعينة؟؟

تنفسي يا إيرين.. تنفسي أرجوك…
بالمناسبة لا يغادرنّ أحدكم المكان؛ لأننا سنجري تفتيشًا دقيقًا على الجميع بعد أن نطمئنّ على إيرين..
تنفسي يا إيرين…
شهيق..
زفير..
شهيق..
زفيييير..
 
يُتبع

اعلان